Thursday, October 29, 2009

from Sahar

رجل معلّق في الهواء.. يهدد بالتخلّص من الحياة
الشاب على العمود قبل أن يتم إنقاذه (عباس سلمان)





قال لعنصرَي «فوج إطفاء بيروت»، وهما يحاولان تخليصه من الموت الذي أراده لنفسه عند السابعة إلا ثلثاً من صباح أمس: «أنا ابن بيت، وابن عيلة، ومعي شهادات». كأنه يخبر الجميع بأنه ليس من طالبي الموت «المعتادين». كأنه يقول إنه يقدّر قيمة الحياة، ومع ذلك، بلغ هذه النقطة العالية من التأرجح على حافتها.
هو طبيب أطفال، تابع تخصصه في بيلاروسيا لمدة 14 عاماً، وعاد ليحب فتاة لم يقبله أهلها زوجاً لها. لماذا؟ «ما عنده مدخول»، كما يشرح مصدر أمني لـ«السفير»، شارحا أنه تزوجها رغماً عن أهلها، وهي حالياً في أميركا، بينما هو هنا، يهدد بالانتحار لأجلها، ولأجل ضيق ذات اليد.
كان يمسك بالعمود الحديدي المحاذي لبناية قيد الإعمار، تواجه شاطئ بحر بيروت، قريباً من تمثال جمال عبد الناصر. تقع البناية بين مقهى «أنكل ديك»، ومطعم افتتح حديثاً هناك. وكانت تواجهه هو عشرات العيون الشاهقة إلى أعلى، إلى حيث الرجل يهدد الحياة بالتخلي عنها.
يقول عامل في ورشة إعمار البناية إن «عمّال السابعة (صباحاً) وصلوا عند السابعة إلا ربعاً ووجدوه معلّقاً بالحديد، فاتصلوا بالـ 112». رواية أخرى ينقلها شاب يعمل في المطعم الملاصق للبناية: «سمعت صياحاً: عم ينتحر، عم ينتحر.. فخرجت لأجد المتريضين صباحاً يواجهون الورشة وينظرون إلى أعلى. صاح هو قليلاً بكلام غير مفهوم، كأنه يشد الأنظار إليه، فاتصل أحد المتريضين بالدرك».
وصل عناصر القوى الأمنية، ومعهم عربة الإطفاء ورجالها. رفعت العربة سلّمها الطويل، فلم يبلغ أعلى من الطابق السابع تقريباً، والرجل معلّق في محيط الفضاء الفاصل بين الطابقين التاسع والعاشر. فما كان من عنصر فوج الإطفاء إلا أن قفز من السلّم إلى العمود الحديدي الأحمر، وراح يتسلق باتجاه الرجل شيئاً فشيئاً. عندها، بدا كأن الرجل يهدد بالقفز إن تقدّم منه عنصر الإطفاء أكثر، فراح يلوّح ببدنه، لتربطه بالحياة «دعسة» قدم و«مسكة» يد.
يتروّى العامل على إنقاذه قليلاً. في تلك الأثناء، يظهر رجلا أمن بملابس عسكرية، ورجل بملابس مدنية على اسمنت الطابق التاسع، يشرفون على المغامرة. الرجل ذو الثياب المدنية، يمدّ يده بهاتف خلوي، يلتقط للراغب بالانتحار، من هناك، صورة تلو الأخرى، كأنه متفرّج وليس شريكاً في مسؤولية الإنقاذ. في الأسفل، سواعد كثيرة امتدت أيضاً إلى أعلى، حاملة هواتفها، لتحفظ الصورة.
يتقدّم منه عنصر الإطفاء قليلاً، يقولون إنه قدّم له سيجارة. ومن بعدها، مدّه بهاتف خلوي. بمن يجري الاتصال؟ يقول مختار منطقة عين المريسة خضر فرشوخ، الذي واكب عملية الانقاذ، إن الرجل «طلب الاتصال بحبيبته المقيمة في أميركا: عنده مشاكل عائلية، مشاكل خاصة.. بدّو ياها، وبحاجة لعاطفة». هل كلّمها؟ يجيب فرشوخ: «لا، لم تجب على الهاتف.. أصلاً، لقد تم الاتصال برقم وهمي.. كسب وقت، لتهدئته، لا أكثر». إلا أن متحدثاً باسم «فوج إطفاء بيروت» أكّد لـ«السفير» أن الرجل خابر زوجته مرتين، من موقعه المعلّق في الهواء.
ماذا لو قفز، عندها؟ هل كانت هناك خطة بديلة؟ يقول المحتشدون بثقة تامة: لا، لن يقفز. لقد قال إنه ابن عائلة وابن بيت وحامل شهادة. بناء عليه، وبناء عليه فقط، لن يقفز.
تسري همهمات بين الناس أنه «محشش»، وأنه «بيهودس»، وأنه «بيتعاطى». ويقول أحد الرسميين إنه ربما سكران. عندما أنزلوه من الباب الخلفي للبناية، ووجد المصورين الصحافيين في انتظاره، بدا شديد الخشية من الصورة. تحاول القوى الأمنية إبعاد المصورين، لا تنجح، تلتقط له الصور وهو يحاول أن يوجه رأسه إلى أسفل كي لا يعرف الناس هويته. يداه مكبّلتان خلف ظهره، كأنه مجرم، ويساق إلى سيارة الشرطة التي تقوده إلى مخفر ميناء الحصن.
لم يبدُ حينها لا «محشش» ولا «سكران» ولا «بيهودس». بدا مواطناً عادياً، في أواخر الثلاثينيات من العمر، رمادي الشعر، رشيق البنية، يرتدي قميصاً أبيض و«جينز» وحذاء رياضياً جميلاً في قدميه. ذقنه حليقة تقريباً، ملامحه تشي بالهدوء. بدا مواطناً عادياً وقد بلغ لحظة من لحظات التردد في جدوى الحياة. أو، ربما، أراد لفت الأنظار إليه، مثلما قرر عدد من الشبّان الذين اعتبروه «جباناً»، و«شبيحاً» و«صاحب حركات قرعة». لو انتحر، هل كان سيصبح في نظرهم شجاعاً؟ أم ستتأكد نبوءة أنه «حشاش»؟ وهل كانوا ليترددوا قليلاً، قبل المبادرة السريعة إلى كيل النكات والاتهامات بغية التخلّص من وطأة رجل مثلهم، يهدد بالتخلي عن الحياة التي يمتلكونها؟
لم ينتحر. وما إن تمكن رجل الإطفاء من الإحاطة به في الأعلى، حتى ارتفع التصفيق من الأسفل. هناك فرح بين الناس، فنهارهم لن يبدأ بجثة رجل هوى بملء إرادته.
بين «المتفرجين»، وُجد كثيرون يخشون فعلاً على حياته. كثيرون يضعون الكف على الخد، ويخبرون زملاءهم في عيش اللحظة عن ضرورة «يجيبوا حبال!»، أو «ينصبوا خيمة!»، خاصة أنه «صار له ساعة ونصف هيك، كانوا نصبوها وطمّنوا بالهم!». يجيبهم أحد رجال القوى الأمنية، بهدوء لافت: «أنتم تقفون هنا، على الأرض. عناصر الإطفاء معلّقون في الهواء. هم يعرفون كيفية التصرّف بالشكل الأنسب».
يقول أحد الواقفين: «يا حرام، ما معه مصاري.. بدّو ياكل، لذلك حاول الانتحار». يعاني الجميع من الأزمة ومن عجز الناس عن الحياة في كنفها. والجميع يتوقعون الإقدام على الموت بسببها.
بعدما التقطه عنصر الإطفاء الذي بات معلّقاً بدوره في الهواء، بلا حبال تربطه أو بالأرض أو بأي ثابت آخر، بدا وكأنه احتار في كيفية إخراج نفسه والنفس التي أنقذها من الهواء. دقائق قليلة مرّت بعد التصفيق وقبل التخلي عن العمود الحديدي، قبل أن تنخفض من أعلى بقليل الرافعة المخصصة للبناء وللعمال. يقفزان إلى داخلها، ويصبحان في عداد الآمنين. كل التجهيزات الرسمية لم تف بما احتاجه الموقف. كل الأدوات التي استخدمت للانقاذ كانت وليدة الموقف. يقول أحد الشبّان الذين يرتدون قميص الدفاع المدني: «لو كان يوسف الملاح هون، كان أنقذه بخمس دقائق». من هو يوسف الملاح؟ هو اختصاصي في إنقاذ المهددين بالانتحار، يعمل في صفوف الدفاع المدني، وهو حالياً في قطر، «راح يعملهم جهاز متطوعين». فرصة عمل.
أكثر من رواية تحملها ألسنة الناس، المتفرجين، المتخوفين، والهاربين من خوفهم بين الفينة والأخرى إلى نكتة عن الحال أو نقدٍ لمن وضعهم في مواجهة مع الموت.. خاصة بعدما بات طيف الموت متوارياً في الصورة.
أما رجال القوى الأمنية فمضوا في محاولاتهم لتسيير السير بأسرع ما يمكن.
وهو أمر اضطر عمّال «الأنكل ديك» إلى التحوّل إلى ما يشبه النسور، يقفزون بين ماكينة القهوة ونوافذ السيارات التي يصيح روادها بطلباتهم قبل بلوغ موقع القهوة بأمتار، فيمدّهم بها العمّال بقفزات سريعة متتالية، تتفادى «العلقة مع الدرك».
الحياة استمرت إذاً في مربّع الانتحار هذا، وتماماً كما هي الحال مع أي حادث سير أو تجمهر آخر، اقتصرت الحال الاستثنائية على سؤال يطير من النوافذ إلى المتفرجين: «شو في؟ شو صار؟».
في محيط الساعة التاسعة صباحاً، وعندما أُنزل الرجل من حافة الوداع، سأل أحد الشبّان رجل الأمن عن مصيره، وفهم منه أن السجن ينتظره بعد التحقيق. «قدّي يا وطن؟». لم يجب «الوطن». فعلّق السائل لرفاقه: «يا حرام، بدّو ياكلها حبس هلق كمان؟! كان أحسن له لو انتحر».
لم يسجن. اقتيد إلى مخفر ميناء الحصن، حيث «اتصلنا بالمدّعي العام، عملنا له محضراً، ومضّيناه على ورقة تعهد بعدم التكرار، ثم أخلي سبيله».
وقّع الرجل عل``ى التعهّد بعدم تكرار محاولة الانتحار.. لكن أحداً لم يوقع له على ورقة تعهّد بتحسين شروط العيش في هذا البلد.

0 Comments:

Wednesday, October 14, 2009

egyptian coast guard

1 Comments:

Blogger apunctum said...

hahahahah , taybeh

October 17, 2009 9:42 AM  

Saturday, October 10, 2009

for najib 2 (he who has no facebook)

http://alraynews.com/Caricature.aspx?id=1

2 Comments:

Blogger NBR5 said...

This comment has been removed by the author.

October 13, 2009 8:15 AM  
Blogger nbr5 said...

3azim 3azim. you're my window to the outside world ya 7atem.

such a cool thing omar is up to! how long has he been with them?

October 14, 2009 10:21 AM  

radical solutions

0 Comments:

Friday, October 09, 2009

for najib

1 Comments:

Blogger nbr5 said...

raw3a sadiki rawwwwwwwwwwwwww3a!!!!

October 10, 2009 6:23 AM  

Saturday, October 03, 2009

Nancy Regan

1 Comments:

Anonymous Anonymous said...

is this fadel shaker?

October 07, 2009 4:21 AM